دور منظمات المجتمع المدني في حماية حقوق الانسان

دور منظمات المجتمع المدني في حماية حقوق الإنسان

إعداد القاضي د. محمد الطراونة
قاضي محكمة الاستئناف / عمان - الأردن

تمهيد:

من المعلوم أن قضية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية أصبحت في العصر الذي نعيش من القضايا التي تشغل العالم بأسرة، وذلك نظرا للمركز القانوني الذي أصبح الفرد يتمتع به، وفق منظومة القانون الدولي حيث أصبح الفرد احد أشخاص القانون الدولي ولم تعد القضايا المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم تندرج في إطار السيادة الوطنية لكل دولة على حده، وأصبح الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان مقياس دولة التقدم والديمقراطية.

وإذا كان للدولة دور في حماية حقوق الإنسان من خلال أجهزتها المختلفة، فان لمنظمات المجتمع المدني دور لايقل أهمية عن دور الحكومات وهذا ما سنتطرق إليه من خلال المحاور التالية:-

(أولا): تطور مفهوم المجتمع المدني ومكوناته:-

1- تعريف المجتمع المدني:-

يطلق مسمى المجتمع المدني على مجموعة المنظمات التطوعية، التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة، لتحقيق مصالح أفرادها ملتزمة بذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السليمة والتنوع والاختلاف.

كما يمكن تعريف "المجتمع المدني" على أنه بلورة أنماط من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وهذه العلاقات تكون محصلة تفاعل بين القوى والتكوينات الاجتماعية المختلفة في المجتمع، وهي ليست ذات طبيعة واحدة، فقد تكون تعاونية أو تصارعية أو تنافسية وذلك طبقا لدرجة الإتقان العام داخل المجتمع وطبقا لدرجة التباين بين القوى المختلفة من حيث مصالحها أو تصوراتها، وبالتالي فالمجتمع المدني لا يتم بالضرورة بالتجانس.

إن مفهوم المجتمع المدني لا يعني فقط مفهوم الرابطة الاجتماعية كأساس للاجتماع، بل إنه يرتبط أيضا بمفهوم القانون والعقد الاجتماعي وهو بذلك يجسد مفهوم السياسة الحديثة بوصفها نابعة من المجتمع البشري، وبالتالي فإن لفظيّ دولة ومجتمع مدني تتطابقان ولا يمكن الفصل بينهما.

2- عناصر التعريف :-

تتألف العناصر الرئيسية لمفهوم المجتمع المدني من المكونات التالية:-

الفعل الإرادي أو التطوعي:-

تختلف منظمات المجتمع المدني عن الجماعات القريبة مثل الأسرة أو العشيرة أو القبيلة التي لا دخل للفرد في اختيار عضويتها، والتي تكون مفروضة عليه بحكم الميلاد أو الإرث.

التنظيم:-

المجتمع المدني منظم وهو بذلك مختلف عن المجتمع بشكل عام إذ أنه يجمع ويخلق نسقا من المنظمات أو المؤسسات التى تعمل بصورة منهجية، وبالإذعان لمعايير منطقية ويقبل الأفراد والجماعات عضويتها بمحض إرادتهم، ولكن بشروط وقواعد يتم التراضي بشأنها وقبولها.

العنصر الأخلاقي السلوكي:-

وهو عنصر ينطوي على قبول الاختلاف والتنوع بين الذات والآخرين، وعلى حق الآخرين في أن يكونوا منظمات مدنية تحقق وتحمي وتدافع عن مصالحهم المادية والمعنوية ومصالح الفئات والقضايا التي يؤمنون بها، والالتزام في إدارة الخلاف داخل وبين منظمات المجتمع المدني وبينها وبين الدولة بالوسائل السلمية وفي ضوء قيم الاحترام والتسامح والتنافس والصراع السلمي.

الاستقلالية:-

وهي عنصر أساسي لتمكين منظمات المجتمع المدني من القيام بدورها وتحقيق أهدافها، واستقلالية منظمات المجتمع المدني تتطلب استقلاليتها تنظيميا وإداريا وماليا عن إدارات الدولة الرسمية، وهذا ما يميزها عن إدارات الحكومة والمؤسسات العامة، وفي كل الأحوال يجب أن تكون استقلالية منظمات المجتمع المدني بأبعادها المختلفة حقيقة واقعية وليست مجرد استقلالية شكلية فقط من حيث الأطر التنظيمية والهيكلية والأنظمة الداخلية لتلك المنظمات، بل يجب أن تكون هذه الاستقلالية ممارسة على ارض الواقع.

الشفافية:-

يجب أن تكون رؤية ورسالة وأهداف منظمات المجتمع المدني ومصادر تمويلها واضحة ومشروعة، كما يجب أن تكون هناك آلية واضحة لمساءلة ومحاسبة الهيئات القيادية لتلك المنظمات من قبل هيئاتها العامة.

المصداقية:-

وهي تأتي من ثقة الجمهور بالدور الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني، وهي التي تبني وتعزز شرعية تلك المنظمات وهو ما يعرف بشرعية الأداء والإنجاز.

3- مكونات المجتمع المدني:-

يتفق معظم المهتمين في دراسة المجتمع المدني على أنه يتكون من مجموعة من المكونات، الا أن هناك بعض المكونات التي لازال الخلاف عليها قائماً، فالمكونات المتفق عليها هي:

المنظمات غير الحكومية

النقابات والتنظيمات المهنية

الإتحادات العمالية

النوادي ومراكز الشباب

المنظمات الشعبية

الحركات الاجتماعية

أما المكونات الخلافية فهي:-

الأحزاب السياسية:-

وقد ثار جدل كبير فيما إذا كان يمكن اعتبار الأحزاب السياسية جزء من منظمات المجتمع المدني أم لا، ومرد هذا الجدل كون أن من أهداف الأحزاب السياسية الوصول الى السلطة أو المشاركة فيها وقد تنقلب الأحزاب على المجتمع المدني لتحقيق وضمان استمرارها في الحكم، إلا أن هذا المنطق وإن كان يستقيم مع الواقع العملي والتجارب العملية للأحزاب في دول العالم الثالث وبالأخص في العالم العربي، إلا أن العديد من

التجارب في العالم أثبتت بأنه يمكن الفصل بين مؤسسة الحزب كحزب وبين الحزب كحزب حاكم.

الصحافة الحرة المستقلة:-

ولعل الجدل حول اعتبارها جزء من منظمات المجتمع المدني جاء من صعوبات عملية أكثر من عدم توفر عناصر وشروط المجتمع المدني للصحافة حيث أن العمل الصحفي يتأثر كثيرا بالعوامل السياسية وأجندات القوى المختلفة.

4- خصائص ومهام منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان:

هناك خصائص عامة لابد أن تتمتع بها منظمات المجتمع المدني بصورة عامة، كما أن هناك خصائص إضافية يستوجب ضمان وجودها لدى المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان بشكل خاص.

ومن أبرز الخصائص العامة لمنظمات المجتمع المدني مايلي:

البناء المؤسسي الذي يضمن التحقيق الأمثل لأهداف المنظمة.

الاستقلالية كشرط أساسي لتمكين المنظمة من تحقيق أهدافه، ويقصد بالاستقلالية استقلال هيئاتها المالية والتنفيذية عن الادارة الرسمية للدولة.

المرونة والقدرة على التكيف مع التطورات في المجتمع أو البيئة التي تعمل بها.

العمل التطوعي الذي يساعد على استغلال الدعم والموارد المالية بالشكل الأمثل.

عدم السعي الى جني الأرباح المالية وتوزيعها على المنتسبين اليها أو القائمين عليها.

التجانس بين العاملين في هذه المنظمات من حيث التوافق على الأهداف، ولا يعني ذلك عدم الاختلاف أو التعددية.

المصداقية، حيث تستمد هذه المنظمات شرعيتها من ثقة الناس بها وبدورها.

الشفافية، من حيث وضوح ومشروعية أهداف المنظمة ومصادر تمويلها وطبيعة تنظيمها.

أماالخصائص الخاصة بمنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الانسان فهناك عناصر أساسية لابد من توافرها ومنها:

الاعتماد على المعلومات الموثوقة والدقيقة والحديثة التي تعكس واقع حقوق الانسان في الدولة بشكل موضوعي غير مبالغ فيه.

التواصل مع الحكومة كأداة أساسية تمكن المنظمات من الحصول على المعلومات وإحداث التغييرات في سبيل تعزيز وحماية حقوق الانسان.

التمثيل أو انضمام الأعضاء الى المنظمات لضمان تمثيل أوسع لها في مختلف المجالات.

التشبيك والتعاون مع المنظمات الأخرى المشابهة مما يتيح الاستغلال الأمثل للمصادر والحد من الازدواجية في العمل.

جذب اهتمام وسائل الاعلام المختلفة وتأكيد دورها في مجال تعزيز الوعي بحقوق الانسان.

احترام سيادة القانون لضمان عدم التعرض الى أي انتقاد أو تدخل من قبل أي جهة، وضرورة احترام قوانين الدولة التي تعمل بها المنظمة.

المرونة، وتعدد وسائل التعبير من الحوار الدبلوماسي الى تشكيل جماعات الضغط وتنظيم المسيرات وإصدار التقارير تبعاً لطبيعة الانتهاك .

الموضوعية في تحديد الأهداف على ضوء الظروف العامة.

اختيار التوقيت المناسب للدفاع عن قضية محددة واخذ اتجاهات الرأي العام حولهابعين الاعتبار.

5- المهام الأساسية لمنظمات المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان فهي:

تقصي الحقائق من خلال جمع المعلومات وتحليلها.

مراقبة تطبيق الدولة لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الانسان.

استخدام كافة الوسائل لرصد وتوثيق حالة حقوق الانسان.

العمل على تعزيز مبادىء الديمقراطية وحقوق الانسان من خلال نشر ثقافة حقوق الانسان وتعزيزها.

تقديم العون والمساعدة لضحايا انتهاكات حقوق الانسان بما في ذلك المساعدة القانونية.

حشد الدعم والتأييد لقضايا حقوق الانسان بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الأخرى.

6- التحديات والمعيقات:

ان أهم التحديات التي تعترض طريق منظمات المجتمع المدني في سعيها للنهوض بمسؤولياتها تتمثل في الثقافة السائدة التي تحكم نظرة مؤسسات الدولة تجاه المنظمات غير الحكومية.

وبالرغم من أن الدولة قد أخذت تنظر الى منظمات المجتمع المدني كشريك لها وشرعت في التعامل معه على هذا الأساس ، الا أنها على الصعيد العملي الواقعي ماتزال تنظر الى هذه المنظمات نظرة توجس وحذر، وتخضعها للمراقبة ، وتقيد نشاطاتها من خلال فرض تشريعات وإجراءات تهدف الى ضبط حركتها تحت سقف السياسات الرسمية. من الأمثلة على ذلك تدخل بعض الجهات الحكومية المختصة في نتائج انتخابات الهيئات الإدارية لمنظمات المجتمع المدني، واتخاذ قرارات بحل منظمات أخرى دون سابق إنذار.

ويواجه المجتمع المدني في العديد من بلدان العالم الثالث عدداً من التحديات والمعيقات التي لابد من ايلائها اهتماماً خاصاً والتي تتلخص بالقضايا التالية: الديمقراطية والحكم الصالح، الاستدامة، ضعف الدور السياسي، التحالفات الوطنية.

أ . الديمقراطية والحكم الصالح :

بالرغم من كون المجتمع المدني دعامة رئيسية للتحول الديمقراطي والانفتاح السياسي، الا أن العديد من منظمات المجتمع المدني تفتقر الى الديمقراطية ولمبادىء الإدارة الرشيدة والحكم الصالح كالمشاركة والمساءلة والشفافية، ويتجلى ذلك في مظاهر عديدة منها غياب الانتخابات الدورية التنافسية واختيار القيادات بالتزكية، ضعف قاعدة العضوية في العديد من منظمات المجتمع المدني بما في ذلك الأحزاب السياسية، إلزامية العضوية في قطاع كبير من قطاعات المجتمع المدني كالنقابات المهنية مقابل مبدأ الطوعية، عدم ممارسة الهيئات العامة للمجتمع المدني الصلاحيات المخولة لها.

ب. الاستدامة:

تعتبر الاستدامة التحدي الأبرز أمام منظمات المجتمع المدني، إذ أن أعداداً كبيرة من منظمات المجتمع المدني في بعض البلدان ولاسيما الجمعيات الخيرية والهيئات الاجتماعية والمنتديات الثقافية تظهر وتنشط لفترة قصيرة ثم تذوي وتختفي.

ج. ضعف الدور السياسي:

يلاحظ أن منظمات المجتمع المدني يتنازعها تياران مستقلان أولهما مقاومة اتخاذ أي موقف سياسي، والآخر استغلال صفتها المهنية كواجهة لممارسة العمل السياسي، وقد يعزى السبب في ذلك الى أن الحكومات قد سعت في بعض البلدان الى منع نشطاء الأحزاب من الحصول على مناصب قيادية في منظمات المجتمع المدني كالنقابات العمالية والجمعيات الخيرية والهيئات الثقافية والرياضية.

د . ضعف التحالفات الوطنية:

بالرغم من انضواء معظم قطاعات المجتمع المدني في العديد من البلدان تحت شبكات إقليمية أو دولية، الا أن جهودها في اقامة تحالفات وشبكات وطنية كانت أقل نجاح، وقد يعود السبب في ذلك الى هيمنة الأشكال التقليدية من المظلات الوطنية مثل الاتحادات العامة التي تجمع منظمات متشابهة كالنقابات العمالية والجمعيات الخيرية والهيئات المهنية، وعجزت منظمات حقوق الانسان والتنمية الديمقراطية عن القيام بدورها في بلورة صيغة للعمل المشترك رغم حاجتها الى ذلك من أجل حماية نفسها أمام الضغوط الحكومية، أو للنهوض بأعباء مراقبة حقوق الآنسان بالتعاون مع المنظمات المشابهة.

اما معيقات قيام شراكة فاعلة بين منظمات المجتمع المدني والحكومات فتتمثل بما يلي:

تعدد المرجعيات المعنية بتسجيل المنظمات غير الحكومية من هيئات وجمعيات اجتماعية، واختلاف أنماط الرقابة والإشراف الرسمي عليها.

قدم التشريعات الناظمة لعمل الجمعيات، وهي بحاجة الى تعديلات جوهرية استجابة لمتطلبات المعايير الدولية الناظمة لعمل مؤسسات المجتمع المدني.

ضعف القدرة على الابتكار والتجديد في صياغة الأهداف ووسائل العمل.

ضعف أشكال التنسيق والتعاون بين المنظمات غير الحكومية المحلية والوطنية من جهة، وبينها وبين المنظمات غير الحكومية الدولية والأجنبية من جهة أخرى، مما يشكل عائقاً أمام امكانية انتشار تلك المنظمات ويقلل من كفاءتها التنفيذية.

ثانياً: الإطار المرجعي للشراكة بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان

1- مفهوم الشراكة

يختلط مفهوم الشراكةPartnership، بعدة مفاهيم أخرى ترتبط به، والتي تنطوي كل منها على دلالة تختلف عن المفهوم الآخر، من تلك المفاهيم المشاركة Participation، أو التعاون Cooperation، أو التنسيق Coordination. وبالرغم من تداخل هذه المفاهيم مع بعضها البعض، إلا أن مفهوم الشراكة له دلالات مختلفة تماماً عن هذه المفاهيم، إن مفهوم الشراكة الذي يتيح لمنظمات المجتمع المدني ان تقوم بدورها فى حماية حقوق الإنسان هو التالي:

"مقاربة تنموية"، تتضمن علاقة تكامل، بين قدرات وإمكانات طرفين أو أكثر، تتجه لتحقيق أهداف محددة، وفي إطار من المساواة بين الأطراف، لتعظيم المزايا النسبية التي يتمتع بها كل طرف، في إطار احترام كل طرف للآخر، وتوزيع الأدوار، وتحمل المسؤوليات بقدر كبير من الشفافية".

من هنا يبرز عدد من السمات الأساسية لهذا المفهوم والتي تميزه عن مفاهيم أخرى، من أهمها:

أنه يعكس اقتراباً تنموياً حديثاً، نسعى إلى تبنيه، لمواجهة أي إخفاق، وكذلك لمواجهة ضعف مفهوم وممارسات المشاركة الطوعية في السياق التاريخي، نتيجة ممارسات سلبية امتدت لعدة عقود، دفعت المواطنين للعزوف عن المشاركة في منظمات المجتمع المدني.

أنه يعكس فكرة التكامل بين الأطراف، لتحقيق المنفعة العامة أو الصالح العام، ومن ثم فهو مفهوم يستبعد "الإقصاء" و "التهميش".

أنه يبدأ من مستوى الشراكة بين طرفين فقط، المجتمع المدني والحكومة، ثم يتسع ليشمل شراكات مع القطاع الخاص، والإعلام، والجامعات ومراكز البحوث، بل يمتد للمؤسسات الدولية والإقليمية.

كذلك، يشير هذا المفهوم إلى أن علاقة الشركاء تقوم على المساواة بالحقوق والواجبات للأطراف المشاركة، ويعني "استبعاد علاقة الهيمنة من الطرف الأقوى"، و قد يكون هذا الطرف الحكومة أو المؤسسات الأجنبية المانحة ، فهو يعني أيضاً أن "الشراكة" مختلفة تماماً، عن عملية إسناد الحكومة لبعض منظمات المجتمع المدني مشروعات تحددها الحكومة وتمولها.

إذن فالشراكة المعنية هنا، وفي إطار الاقتراب التنموي الحديث، تشير إلى شراكة وتوافق حول الأهداف، شراكة في التخطيط، شراكة في التنفيذ والمراقبة والمتابعة وما يترتب عليها من عمليات تصويب.

إن تعظيم المزايا النسبية لكل طرف من الشركاء، هو مكون رئيسي لهذا المفهوم وحيث يمكن أن يساعد ذلك في تحديد أفضل لاحتياجات المواطنين وتوفير المصادر المالية والإمكانيات الفنية لدى الشركاء.

إن توزيع الأدوار والمسؤوليات هو أحد الأبعاد الرئيسية لمفهوم الشراكة. ولكي تكون الشراكة حقيقية لابد من إسناد أدوار ومسؤوليات واضحة، تتوزع بين الشركاء بدقة، ويتم الالتزام به، ومن ثم فإن "العشوائية" في أية علاقة شراكة سوف تعمل على الإطاحة بالمفهوم ونسفه من أساسه، كما أن المحاسبية والمساءلة أمر مهم في هذا السياق ويجعل مفهوم الشراكة مختلفاً عن المشاركة الطوعية.

إن المفهوم يتضمن بُعد الشفافية، كبعد أخلاقي قيمي رئيسي، يوفر ركناً أساسياً في الشراكة، والشفافية هنا تشير إلى الإعلان عن الأهداف والإعلان عن الشركاء وتدفق المعلومات بحرية وبدرجة عالية من المصداقية والإعلان عن التمويل وعن الأدوار.

(ثالثا)-دور منظمات المجتمع المدني في مجال التوعية والتثقيف من اجل حماية حقوق الإنسان:
ان التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان واجب وطني ملزم لكافة مؤسسات المجتمع المدني والحكومات، وهذا ما أكدته معتقدات المجتمعات التى تهتم بحقوق الإنسان، وهو مسؤولية ملقاة على عاتقها تتطلب إعمال الشراكة الحقيقية المبنية على قيم إسلامية عربية وقيم عالمية مشتركة قائمة على المعرفة التامة بحقوق الإنسان، وعلى الوعي الكامل لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة بواجباتها المتمثلة باحترام الآخرين وتقدير كرامتهم بغض النظر عن أصولهم ومعتقداتهم، واعتبار الاختلاف وتعدد الثقافات عنصراً رئيسياً في تحقيق التنمية المستدامة.

والشراكة الحقيقية بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومات لها مداخل وأنماط عمل مختلفة، وخيارات استراتيجية محددة تسعى إلى تحقيق التحول الديمقراطي، بحيث تراعي هذه المداخل والأنماط تجنب سيناريو المواجهة المفتوحة والخفية، وعدم تبعية هذه المنظمات للحكومة وتحركها ضمن مساحات محددة من قبلها، وتعزيز سيناريو الحوار النشط والمفاوضة، وإقناع كل منهما بأن من مصلحة الوطن الدخول في علاقة شراكة من أجل تبادل الأدوار في نشر ثقافة حقوق الإنسان لغايات إعداد المواطن الصالح المنتمي المدرك لحقوقه تجاه كافة قطاعات المجتمع والمتمتع برؤية واعية للقضايا والتحديات التي تواجه الإنسان والوطن.

كما أن الشراكة الحقيقية بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة يجب ان تستهدف كافة فئات المجتمع بغض النظر عن العمر والجنس والتوزيع الجغرافي، وأن تراعي حاجات هذه الفئات وقدراتها ومستوياتها وخلفياتها الأيديولوجية عند تخطيط برامجها في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها، و تتناول الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأدوات تحقيقها وإعمالها وحمايتها سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي، وأن لا يكون ذلك حكراً على أي منها، بل يتشاركان معاً في تحقيق نشرهما سواء على مستوى التنفيذ أو على مستوى الإجراءات.

1: المنطلقات:-

يستند محور التوعية والتثقيف في مضمونة وآليات الشراكة في تنفيذه على مجموعة من الأسس والمبادىء ذات العلاقة بالحقوق وإعمالها، وهيكليات بناء منظمات المجتمع المدني والحكومة والعلاقات الناظمة لعملهما، وانفتاح المجتمع على الحضارات والثقافات ومن أهمها:

تأكيد كل من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وإدراكهما أهمية الشراكة فيما بينهما، سواء على المستوى التشريعي والهيكلي والالتزام الوطني في نشر ثقافة حقوق الإنسان.

أن يكون هناك التزام سياسي رسمي بأهمية بناء شراكة حقيقية بين منظمات المجتمع المدني والحكومة في كافة المجالات بما فيها مجال التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان.

الأبعاد التي تنطوي عليها حقوق الإنسان سواء أكانت فلسفية ترتبط بطبيعة الإنسان، أو تاريخية تجعل من حقوق الإنسان إنتاجاً عالمياً إنسانياً مشتركا، أو قانونية تجعل من الحقوق المتأصلة في الإنسان تتمتع بضمانة قانونية، هذه الأبعاد تتطلب شراكة فعلية بين منظمات المجتمع المدني العاملة والحكومة في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وليس مجرد استفادة واسعة من خدمات كل منها للآخر.

مواجهة التحدي الثقافي الذي يرتبط ببناء ثقافة مدنية تحترم المواطنة والمساواة، وتعتمد على احترام حقوق الإنسان بالمفهوم الواسع، وتعمل على التأثير في اتجاهات وسائل الإعلام و يتطلب ذلك بناء شراكة حقيقية بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة في بث أفكار التسامح، والانتقال إلى نماذج جديدة تحقق تمكين المواطن وتعزيز العمل التطوعي في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان.

تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع بكافة قطاعاته بشكل عام يتطلب توفير مناخ يسمح بالحوار وتبادل الآراء بين كافة القطاعات، وعليه فإن تطوير قدرات الحوار بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان يجب أن يتم في إطار من التمسك باستقلالية القرار، وقدرة التحرك باستقلالية لأجل التغير الديمقراطي المنشود.

2: الأهداف:-

تسعى استراتيجية الشراكة في محور التوعية والتثقيف إلى بناء شراكة فاعلة بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومات للتوعية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان وبناء قدرات تُعنى بنشرها وفق معايير تستند إلى واقع الشراكة بينهما، وتطوير العمل المشترك بما يحقق التكامل في جهود التوعية والتثقيف من خلال تحقيق الأهداف الخاصة الآتية:

زيادة درجة الوعي لدى منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي بأهمية الشراكة بينهما في نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بها من خلال تحديد التمايزات والقواسم المشتركة بينهما في هذا المجال.

إدراك منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاعات الحكومية ذات العلاقة بحقوق الإنسان بأهمية الشراكة بينهما، وأن أدوارهما المتمثلة بترسيخ العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، وتوفير الأجواء الديمقراطية لعمل كل منهما هي أدوار تكاملية لا يمكن الاستغناء عن أي واحد منها.

تطوير قاعدة معلوماتية تشاركية حول إدارة الخبرات والكفاءات لدى الحكومة ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان في مجال التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان، وإيجاد آلية لتجديدها وتوظيفها لغايات استثمارها محلياً وإقليمياً ولتحقيق نفع لكل منهما وللمواطنين.

تحديد مجالات العمل المشتركة في مجال التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان وفق أولويات تعتمد تقدير الاحتياجات، والامكانات المتاحة، والعوائق الهيكلية.

مأسسة آليات الشراكة الفعلية بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان لتحقيق أقصى النفع ً.

3: مجالات الشراكة في التوعية والتثقيف:-

لما كان نشر ثقافة حقوق الإنسان وإعمال مواثيقها ومعاهداتها وقوانينها سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي أو الوطني يتطلب تعاون منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان، فإن مجالات الشراكة في التوعية والتثقيف يجب أن تحدد وفق أسس تراعي المعايير العالمية لإعمال حقوق الإنسان ووفق مجالات عمل محددة تطرحها هذه الاستراتيجية وعلى النحو الآتي:

أ-السياسات العامة للتوعية والتثقيف:

تتمثل الحاجة الأساسية في هذا المجال في توفير آليات أكثر فعالية وشفافية لضمان مساهمة ذات نوعية عالية من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومات في عمليات تطوير السياسيات المتعلقة بالتوعية والتثقيف بحقوق الإنسان، ويمكن أن تنطلق السياسات العامة للشراكة من مجموعة من القواعد والمبادى والآليات تتمثل في الآتي:

مبدأ الحصول على المعلومات بحرية وشفافية.

توفير قنوات واضحة للاتصال وطرح الأفكار بين طرفي الشراكة.

توفير عمليات تساعد على اتخاذ قرارات منطقية مدروسة حول قضايا الشراكة في مجال التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان، مع الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المتاحة من أجل الوصول إلى الأهداف المحددة.

اختيار الموارد البشرية الملائمة والمتمكنة من فهم علاقة الشراكة بين الطرفين بماً يحقق التكامل في نشر ثقافة حقوق الإنسان.

تقييم مجمل واقع الشراكة بين الطرفين في مجال برامج التوعية والتثقيف ومحتواها ودرجات تداخلها بين الجهات المنفذة لها.

تحديد مجالات التأثير المعرفي العقلاني و في الاتجاهات و السلوكيات وفق نماذج سلوكية تساهم في تحديد وتقييم درجة الاختلاف في عمل كل من طرفي الشراكة، وتحديد السلوكيات المطلوب تغييرها لكل فئة من فئات الجمهور فيما يختص بنشر ثقافة حقوق الإنسان.

ب-محتوى برامج التوعية والتثقيف والفئات المستهدفة:

ان الشراكة الفعالة بين المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة تتطلب تصميم محتوى برامج التوعية والتثقيف وتحديد الفئات التي تستهدفها بعناية تامة لتحقيق الأهداف المرجوة من هذه البرامج ولتدعيم مبدأ الشراكة الفاعلة بما يساعد في اتخاذ قرارات منطقية مدروسة حول قضايا حقوق الإنسان التي تهم المواطن، وتوظيف إمكانياتهما المتاحة من خبرات وقواعد معرفية، وتحديد العقبات والظروف التي تؤثر في جودة محتوى برامج التوعية والتثقيف، لذا تراعى شراكة المنظمات غير الحكومية في تصميم المحتوى مجموعة من الخطوط العريضة تتمثل في الآتي:

يتم تحديد ركائز مضمون برامج التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان وفق شراكة تراعي الاتجاهات والسلوكيات المطلوب تغييرها لدى كل من منظمات المجتمع المدني والحكومة حتى لا ينعكس أثرها على الفئات المستهدفة ببرامج التوعية والتثقيف.

تصمم برامج الشراكة في التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان لغايات تزويد الفئات المستهدفة بالمعارف والمهارات والأساليب التي تعينهم على التعرف على حقوقهم وواجباتهم واستخدام أدوات حماية حقوق الإنسان محلياً ودولياً للدفاع عن قضاياهم وحماية وحقوقهم.

تبني برامج التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان وفق عناوين رئيسية تراعي الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و، الحاكمية والعدالة والمواطنة الصالحة، وممارسة الديمقراطية وأخلاقياتها، وانتهاكات الحقوق وآليات حمايتها محلياً ودولياً

يضع محتوى برامج التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان مجموعة مبادىء عامة من مثل مراعاتها لخصائص الفئة المستهدفة، وتحديد أولويات القضايا الملحة في الشراكة وحقوق الإنسان، والتنوع في استراتيجيات التدريب وتوظيفها، و تحديد مؤشرات نجاح الشراكة، وتحديد أدوات تقييم تراعي معايير جودة أداء التدريب وانتقال أثره.

ج-أشكال برامج التوعية والتثقيف وأنشطتها:

إن تحديد أشكال برامج التوعية والتثقيف وأنشطتها يجب أن يتم في إطار شراكة فعلية بين الطرفين وفق أولويات الحاجة الفعلية لمثل هذه البرامج، و تنمية الوعي العام بحقوق الإنسان لدى العاملين في مجال حقوق الإنسان وتنمية المعرفة المتخصصة الدقيقة، ومن المفضل أن تتوجه الشراكة الى اعتماد أشكال متنوعة من البرامج يذكر منها:

المواد التثقيفية المسموعة والمرئية والمقروءة:

يراعى عند إعداد برامج التوعية والتثقيف وأنشطتها أن يتم إنتاجها على شكل حقائب تعليمية، ومواد مقروءة وإثرائية، وملصقات ولوحات، ورسائل وومضات إعلامية، وأفلام تلفزيونية عادية أو كاريكاتيرية، أو نماذج بنائية معدنية أو خشبية أو بلاستيكية.

المسابقات والجوائز والمعارض:

تنظيم مسابقات وجوائز لإنتاج مواد إبداعية أدبية وفنية مختلفة كالقصص والروايات والرسومات التعبيرية الهادفة لنشر ثقافة حقوق الإنسان وفق معايير تُعد بمشاركة المنظمات غير الحكومية والحكومة وبمشاركة طرف ثالث حيادي. وتنظيم معارض متنقلة لنتائج هذه المسابقات والجوائز.

التوثيق وإدارة المعلومات:

بناء قاعدة بيانات متكاملة تتضمن توثيق التراث المحلي والعربي والإسلامي والعالمي الخاص بحقوق الإنسان وآليات حماية الحقوق وتفعيل الشراكة المتضمنة في الدستور والقوانين الوطنية والمواثيق الدولية، وإنشاء مركز لمصادر نشر ثقافة حقوق الإنسان.

الأدلة والمواد الإثرائية:

تطوير أدلة ومواد إثرائية في قضايا محددة بحقوق الإنسان وموجهة نحو فئات مختلفة تخدمها المنظمات غير الحكومية والحكومة بحيث يراعى فيها النوع الاجتماعي والجانب التخصصي ونشرها ضمن حملات إعلامية مخطط لها.

د-التنفيذ والتقويم لبرامج التوعية والتثقيف:

إن تنفيذ برامج التوعية والتثقيف بالشراكة بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة يتطلب أقصى درجة من المهنية، لذا فإن المنفذين والمشرفين على تنفيذ هذه البرامج وتقييمها من الشركاء، يجب أن يتمتعوا بدرجة عالية من المعرفة المتخصصة العميقة بقضايا حقوق الإنسان، وأن يتم التنفيذ وفق مبادىء تراعي الآتي:

أن يوجه التنفيذ بشكل رئيس لتغيير قناعات العاملين في منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة بهدف تحقيق العدالة والمساواة الداخلية في كل منهما وفيما بينهما، وفق توصيف دقيق لمهام العاملين في كل منهما في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان.

أن يوظف التنفيذ والتقويم لبرامج التوعية والتثقيف أدوات قياس كمية ونوعية متنوعة تعتمد الملاحظة المباشرة، وتسجيل الانطباعات ورصد مقدار التغيير في الممارسات والقناعات عند العاملين في منظمات المجتمع المدني والحكومة تجاه كل منهما، وعند الفئات المستهدفة.

أن تتم الاستعانة في تقييم برامج التوعية والتثقيف وأنشطتها بمختصين سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي على أن يؤخذ بنتائج التقييم الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص عند تنفيذ هذه البرامج وتقييمها.

أن يتم تحديد معايير وطنية لتقييم برامج التوعية والتثقيف وفق شراكة المنظمات غير الحكومية والحكومة في تنفيذها بحيث تحدد هذه المعايير المسؤولية والالتزامات المترتبة على الوظيفة ومن يؤديها ونطاق ونوعية الالتزامات لغايات تطوير فهم عام مشترك لتنفيذ برامج التوعية والتثقيف.

رابعا:- دور منظمات المجتمع المدني فى بناء القدرات المؤسسية من اجل نشر ثقافة حقوق الإنسان:

يعتبر موضوع بناء القدرات المؤسسية من المسائل الهامة في تنمية قدرات العاملين في منظمات المجتمع المدني والعاملين في الحكومة، إذ يُعد عنصراً استثمارياً يعول عليه في تحقيق التنمية المستدامة بشكل عام. ولذا فاند حجم التنافس ونوعيته بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان، وبينها وبين الحكومة في مجال تقديم خدماتها في نشر ثقافة حقوق الإنسان للجمهور المستهدف، زاد الاهتمام والتأكيد على الدور الرئيس الذي يلعبه بناء القدرات المؤسسية في تدريب وتنمية مواردها البشرية لإكسابها القدرات والخبرات والمعارف والمهارات عالية المستوى لتحقيق الإبداع والتجديد وتقديم الحديث بجودة عالية تلبي رغبات الجمهور المستهدف، وتشده إلى تمثل مبادىء حقوق الإنسان التي تحقق كرامة المواطن وتعزز المواطنة الصالحة عند الكافة. ولذا فان الشراكة في تنمية القدرات المؤسسية بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة لنشر ثقافة حقوق الإنسان، أصبحت الآن حاجة ملحة، وأداة تستخدم في مواجهة القضايا والتحديات المرتبطة بحقوق الإنسان.

إذ تفرض الشراكة في بناء القدرات المؤسسية المعنية بنشر ثقافة حقوق الإنسان على كل منهما إحداث تغييرات بعضها بسيطة وأخرى جذرية في رسالة كل منهما والثقافة السائدة عند العاملين فيهما والأنظمة التي تحكم عملهما، وهذا يتطلب إدخال تحسينات أو تطويرات في استراتيجيات بناء قدرات مؤسسية معنية بنشر ثقافة حقوق الإنسان، سواء في تبني استراتيجيات تدريب ملزمة للطرفين تراعي خصوصية كل منهما أو في اعتماد المعايير العالمية لحقوق الإنسان.

لذا فإن الشراكة في بناء قدرات مؤسسية تسعى إلى توظيف الخبرات المتناثرة هنا وهناك، واستيعابها كمورد بشري يسهل استثماره وتطويره. من هنا تأتي أهمية تحقيق شراكة فعلية بين المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة وفق سياسة عامة تحقق التكامل بينهما.

المنطلقات:

يستند محور الشراكة بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وبين الحكومة في مجال بناء قدرات مؤسسية تُعنى بنشر مبادىء حقوق الإنسان وإعمال أدواتها على مجموعة من الأسس والمبادىء ذات العلاقة بهيكلية هذه المنظمات وهيكلية الدوائر الحكومية المعنية بإعمال القوانين والأنظمة المحلية والمواثيق والإعلانات والمعاهدات العالمية ذات العلاقة بحقوق الإنسان. كما يستند إلى مجموعة القيم والاتجاهات السائدة بين منظمات المجتمع المدني والحكومة والخاصة بآلية بناء هذه القدرات وتنظيم عملها ومدى تحقيق أقصى درجة شراكة بينها وانفتاح كل منهما على الآخر، لذا تعد المنطلقات الآتية أساساً لشراكة بناء قدرات مؤسسية بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة لنشر ثقافة حقوق الإنسان:

تعمل الشراكة على تماسك المجتمع من خلال بناء هيكلية تُعنى ببناء قدرات مؤسسية تقدم مثالاً حقيقياً للتعاون بينهما.

تحقق الشراكة المساواة والتوازن والتضامن بينهما في إطار فهم مشترك للحقوق والواجبات المناطة بالعاملين عندهما.

تضمن الشراكة عدم تجاوز الحدود الفردية لممارسة الحكومة لدورها وعدم وقوع الانفلات الذي ينجم عن الإفراط في ممارسة الحرية للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان.

تراعي الشراكة التفاوت الاجتماعي والجغرافي للبيئات الاجتماعية المختلفة وتسهم في رفع الكفاءة والفاعلية لمنظمات المجتمع المدني والحكومة بصورة صادقة وملموسة ملتزمة باحترام حقوق الإنسان.

تحقق الشراكة إدارة بناء القدرات المؤسسية للطرفين تحت مظلة واحدة لتحقيق أفضل استثمار لها وتقليل فرص تداخل مهامها وتضارب مصالحها.

الشراكة الفاعلة تساعد الطرفين في التصدي للمعوقات التي تحول دون نشر ثقافة حقوق الإنسان والتي لا يستطيع أي منهما التصدي لها بشكل انفرادي.

الأهداف

يهدف محور"الشراكة في بناء قدرات مؤسسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان" إلى بناء هذه القدرات في إطار تكاملي يهدف إلى تطوير أداء الموارد البشرية في كل منها وتحسينه واكسابهما مهارات جديدة ومتنوعة تساعدهما على بناء نظام معرفي للقدرات المؤسسية المعنية بنشر هذه الثقافة وتطويره.

وبالتحديد تسعى الشراكة في هذا المحور إلى تحقيق الأهداف الآتية لدى كل من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة:

تطوير الموارد البشرية لتجنب جوانب الضعف في إداءها وتنمية جوانب القوة وذلك في مجالات المعارف والمهارات والاتجاهات اللازمة لنشر ثقافة حقوق الإنسان.

تعزيز الشراكة في بناء قدرات مؤسسية لدى الطرفين وتمكينهما من القيام بإعمال مستقبلية جديدة تسعى إلى إعمال حقوق الإنسان بموضوعية وأمانة.

تطوير قاعدة معلوماتية وطنية حول القدرات العاملة في نشر ثقافة حقوق الإنسان تراعي النوع الاجتماعي والتوزيع الجغرافي وشبكة العلاقات بينهما والتكامل في اداء اعمالهما.

رفع الكفاءة في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان لتحقيق ضمان بقائها واستمرارها في العمل من خلال رفع مستوى مهارات الموارد البشرية للتكيف مع التغيرات المؤثرة في تحسين حالة حقوق الإنسان.

تطوير اتجاهات إيجابية لدى العاملين نحو أهمية الشراكة في التدريب، وإكسابهم أنماطاً سلوكية إيجابية تخدم مصلحة الطرفين وتحسن حالة حقوق الإنسان.

السياسة العامة لشراكة بناء القدرات:

ينظر في الوقت الحاضر إلى شراكة بناء قدرات مؤسسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان على أنها عملية استراتيجية ضمن إطار إدارة الموارد البشرية، وتتكون هذه العملية من مجموعة مخططة من برامج تدريب تهدف إلى تطوير وتحسين أداء العاملين فيهما وتأهيلهم لكل جديد من خلال التأقلم والتكيف مع المتغيرات التي تؤثر على نشاط كل منهما، لذا يجب أن تتوفر سياسة عامة لشراكة بناء قدرات مؤسسية بين الطرفين لنشر ثقافة حقوق الإنسان على مجموعة من الخطوط العريضة التالية:

المسؤولية المشتركة في التخطيط والتنفيذ والتقويم أساس الشراكة الحقيقية في بناء قدرات مؤسسية بينهما.

الغاية الرئيسة للتدريب هي إحداث التغيير في اتجاهات الموارد البشرية عند كل من الطرفين، و نحو بعضهما البعض في إطار من التفاهم والاحترام المشترك وتقدير وجهات نظر كل منها.

الاستخدام الراشد والواعي للخبرات والقدرات المتاحة وفق نظام يراعي نوعية الخبرات ومدى ملاءمتها مع البرامج المصممة و الاستفادة من كافة الخبرات وإيجاد آلية لتفعيل التعاون فيما بينها.

تطوير الموارد البشرية المتاحة لدى الطرفين لتتكيف مع المواقف الجديدة والقضايا والتحديات التي تواجه حالة حقوق الإنسان من خلال تعلّم تحليل هذه المواقف ومعرفة أسبابها والتفكير بما هو مناسب للتعامل معها وتكوين تصور يعين أصحاب القرار للتعامل معها بشكل إيجابي وعقلاني.

العمل كفريق لنشر ثقافة حقوق الإنسان وتحسين حالتها من خلال توظيف نظم التفكير المختلفة، واستخدام القدرات المشتركة في الإبداع، وفهم الآخرين والاتصال معهم والتوصل إلى حلول مشتركة للقضايا والتحديات التي تواجه حالة حقوق الإنسان.

تحديد الحاجات التدريبية لبناء القدرات:

يمثل تحديد حاجات بناء القدرات المؤسسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان عند كل من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي ذو العلاقة أهدافاً يسعى كل فريق لتحقيقها وتلبيتها، ويتطلب تحديد هذه الحاجات أن يتم بشكل سليم وموضوعي وأن توضح فيها طبيعة هذه الحاجات وعلاقتها بتنمية الموارد البشرية فيهما وتنظيم العلاقات التدريبية، لذا يتم تحديد الحاجات التدريبية لبناء قدرات مؤسسية في مجال حقوق الإنسان وفق الأمور الآتية:

يتم تحديد الحاجات التدريبية من منظور تطوير الأداء الحالي وتحسينه ورفع مستواه ليلبي الحاجات المستقبلية على مستوى المنظمة أو الحكومة أو العاملين فيهما وذلك من خلال تحديد مجموعة المهارات والمعارف وتمثل الاتجاهات والسلوكيات اللازمة لتحسين حالة حقوق الإنسان.

يتم تحديد الحاجات التدريبية وتحليلها لغايات وضع تصور حول التغييرات التنظيمية المرغوبة ، وبالتحديد في مجال طبيعة عمل الموارد البشرية في كل منهما وحجمه وتحديد التغيرات الجديدة في مجال المهارات والمعارف والسلوكيات المنوي إدخالها لتعزيز الشراكة بينهما.

يستخدم التحليل التنظيمي في تحديد الحاجات التدريبية من خلال إجراء مسح شامل لجميع مجالات عمل الطرفين، وتحديد جوانب الضعف والقوة في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتحديد الأنماط السلوكية الواجب أن تتبناها لتعزيز الشراكة بينهما في مجال بناء قدرات مؤسسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان بكفاءة وفاعلية.

يتم توظيف تحليل تحديد الاحتياجات التدريبية لبناء مواصفات العاملين في المنظمات غير الحكومية والقطاع الحكومي ذو العلاقة وتحديد مهامهم، لغايات تطوير الأداء الحالي وتحسين الأداء المستقبلي للعاملين فيهما لتحسين حالة حقوق الإنسان وتعزيز شبكة العلاقات بينهما.

يتم تحديد حاجات بناء قدرات مؤسسية في مجال حقوق الإنسان من خلال آلية تعتمد تحديد مصادر الحاجات التدريبية، وجمع معلومات عن حاجات التدريب والتنمية، وحصرها وفق نوع الحاجات وطبيعتها ومجالات العمل والموارد البشرية التي تحتاجها لغايات التنمية.

استراتيجيات التدريب وبناء القدرات المؤسسية لغايات التنمية:

تشمل استراتيجيات التدريب والتنمية على مجموعة كبيرة من الأساليب المستخدمة في مختلف أنماط التدريب والتي تأخذ خصوصيتها في بناء القدرات المؤسسية في التدريب لدى كل من الطرفين عند بناء الشراكة بينهما ، كون هذه الاستراتيجيات ستتعرض إلى بناء علاقة شراكة تعتمد تعزيز الفهم المشترك لآليات نشر ثقافة حقوق الإنسان وفق مبادىء عالمية، إضافة إلى أن هذه الاستراتجيات تتعرض لتعديل اتجاهات العاملين فيهما لتكوين تصور واضح حول القدرات اللازمة للمستقبل المفضل لحالة حقوق الإنسان.

لذا فإن استراتيجيات التدريب وبناء شراكة في القدرات المؤسسية العاملة في مجال حقوق الإنسان عليها أن تراعي التنوع في الأساليب المستخدمة، وتقديم نماذج واقعية قابلة للتطبيق تستطيع أن تقيس واقع الشراكة الفعلية في بناء القدرات المؤسسية وتحليلها، وتقدم نماذج تدريبية سلوكية تستطيع تعديل اتجاهات العاملين في كل منظمات المجتمع المدني والقطاع الحكومي لغايات تطوير حالة حقوق الإنسان لتصل إلى حالة تتمثل فيها المعايير العالمية، وعليه فإن على استراتيجيات التدريب عند تصميمها وتطبيقها وتقويمها أن تراعي الآتي:

توجيه استراتيجيات التدريب المتنوعة لتحقيق أهداف الشراكة الفعلية في نشر ثقافة حقوق الإنسان من حيث إكساب العاملين لدى الطرفين المعارف والمعلومات اللازمة وتطبيقاتها وتوظيفها في تحسين حالة حقوق الإنسان، واكتساب مهارات واتجاهات لإحداث تأثير في العاملين نحو أهمية تعزيز حقوق الإنسان في المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة وتنمية الشعور بالمسؤولية تجاه القيام بالواجبات والأنشطة اللازمة والمتوقعة لتحسين حالة حقوق الإنسان.

توظيف أساليب تدريب متنوعة في بناء القدرات تراعي توظيف التكنولوجيا والتدريب التفاعلي من خلال استخدام الأسلوب القصصي والحجج المؤيدة والمعارضة للمنظور، ولعب الأدوار، وتشكيل الخرائط المفاهيمية، والحل الإبداعي للمشكلات ودراسات الحالة وتنمية التفكير الخيالي، وبناء النماذج والعصف الذهني وإجراء المسوح والمحاكاة والعروض العملية وغيرها من الأساليب التي تراعي بناء اتجاهات إيجابية نحو الشراكة.

تقدم برامج التدريب لغايات بناء قدرات مؤسسية نماذج تدريبية تراعي تعديل السلوك وإكساب المتدربين أنماط ومهارات وسلوكيات جديدة أو تصحيح النمط أو السلوك السائد وتعديله وتحسين فاعليته من خلال استخدام نماذج متعددة كالنموذج السلوكي أو التشخيصي.

أن يراعي التدريب لغايات بناء قدرات مؤسسية مداخل التعلم المستمر من خلال التعلم بالممارسة والتعلم الواقعي الفعلي وعن طريق النماذج، وذلك لإكساب الموارد البشرية في كل منهما أنماطاً سلوكية صحيحة يمكن الإقتداء بها على ارض الواقع في بناء شراكة فاعلة بينهما.

محتوى برامج تدريب شراكة بناء القدرات:

تصمم برامج التدريب لبناء قدرات في مجال حقوق الإنسان عبر مراحل متسلسلة تعتمد تحديد الحاجات التدريبية ووضع أهداف مشتركة لتلبيتها، وتحديد الأساليب التي تتم بوساطتها عملية اكتساب المعارف والمهارات والسلوكيات التي تعزز الشراكة والتكامل في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتتعرض فيه الى مجمل العوامل التي تؤثر على تفعيل هذه الشراكة، وهناك مجموعة من الخطوط العريضة الواجب مراعاتها في تحديد محتوى برامج التدريب.

بناء محتوى برامج التدريب لبناء القدرات وفق حاجات تدريبية تنبثق من متطلبات الشراكة بحيث تمثل موضوعات رئيسة يتفق عليها بين الطرفين ويعزز الشراكة بينهما الموارد البشرية العاملة في منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة،

تصميم محتوى برامج تدريب الشراكة في بناء القدرات على شكل حقائب تعليمية ورزم تدريبية تقدم فيها عناصر المحتوى في أشكال وأجزاء واضحة تتناول المواد التدريبية وتقنيات التدريب ودليل المتدرب والمدرب.

معايير تقييم شراكة بناء قدرات مؤسسية في مجال حقوق الإنسان:

إن تقييم مدى نجاح الموارد البشرية في منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والموارد البشرية في القطاع الحكومي ذي العلاقة في نشر ثقافة حقوق الإنسان مسالة معقدة وغاية في الأهمية كونها تُعد استثماراً بشرياً طويل الأمد، يعمل على تغيير الاتجاهات بالدرجة الأولى نحو تحقيق كرامة الإنسان، ونظراً لوجود أكثر من منظمة تعمل في هذا المجال إضافة إلى القطاع الحكومي ذي العلاقة وغياب معايير يستند إليها في الحكم على تقييم أداء كل منها، لذا فلابد من وجود معايير وطنية يستند عليها في تقييم القدرات العاملة في مجال حقوق الإنسان بحيث تتشارك في إعدادها في إطار من الفهم المشترك المتبادل على اعتبار أن هذه المعايير سوف تستخدم لتقييم أداء الموارد البشرية فيهما وهي:

بناء معايير مشتركة لتقييم بناء القدرات المؤسسية استناداً إلى معايير الأداء المستخدمة حالياً لدى كل من الطرفين ومستندة إلى المعايير الدولية لبناء القدرات المؤسسية المنسجمة مع الأهداف العالمية لتحسين حالة حقوق الإنسان.

استناد معايير بناء القدرات المؤسسية الى مجموعة من الجوانب التي يتم الحكم بواسطتها على مدى جودة حالة حقوق الإنسان وبالتحديد:

مدى قياس هذه المعايير لفهم الموارد البشرية لمبادىء وقوانين ومواثيق وطنية وعالمية تخص حالة حقوق الإنسان بشكل فعلي وواقعي من ناحية، ومدى التغير الذي تحدثه برامج شراكة بناء القدرات في سلوكيات واتجاهات الموارد البشرية لدى الطرفين نحو العمل بروح الفريق لنشر ثقافة حقوق الإنسان من ناحية ثانية، و مدى التغير الذي تحدثه برامج شراكة بناء القدرات في الجمهور المستهدف من حيث استيعابه وفهمه للحقوق والواجبات ذات العلاقة بثقافة حقوق الإنسان، من ناحية ثالثة.

استخدام أساليب تقييم متعددة لقياس مدى فهم الموارد البشرية المدربة واستيعابها لموضوعات البرنامج التدريبي وبالتحديد في مجال عملها في نشر ثقافة حقوق الإنسان وإمكانية تطبيقه.

يتم إعداد معايير تقييم بناء القدرات المؤسسية لغايات تطوير وصف مهام الموارد البشرية العاملة في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان لدى كل من الطرفين، من خلال استخدام أدوات تقييم أداء الموارد البشرية فيهما ومدى جودة الخدمات التي يقدمها كل منها في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان وتمثل السلوكيات والاتجاهات التي تعزز علاقة الشراكة بينهما في إطار من الاحترام المتبادل وتقدير كرامة الإنسان.

مجالات التنفيذ:

إعداد دليل تدريبي حول تفعيل الشراكة وفق معايير عالمية ووطنية بين المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومة.

تنفيذ مشروع ريادي تجريبي بين دائرة حكومية ومنظمة غير حكومية، ودائرة إعلامية لنشر ثقافة حقوق الإنسان في مجال محدد من الحقوق المدنية، بحيث يتم وضع تصور حول الهياكل التنظيمية المراد تعديلها لتجريب فكرة المشروع.

إجراء دراسة مسحيه لتحديد الحاجات التدريبية المستقبلية للموارد البشرية العاملة في المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكومية.

تصميم برنامج تدريبي وفق تحليل الحاجات التدريبية.

إعداد نموذج تدريبي لتأهيل الموارد البشرية في المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي يعتمد:

تشخيص نقاط الضعف في الأداء.

تشخيص نقاط القوة في الأداء.

تشخيص الحاجات المستقبلية

إعداد دليل تدريبي موجه لإعداد مدربي المدربين في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان عند العاملين في القطاع الحكومي والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان في إطار من الشراكة الفعلية.

من المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي ذي العلاقة في نشر ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان محلياً، وفي الحكم على سلوكيات واتجاهات العاملين فيهما تجاه بعضهما البعض.

إنشاء وحدة في أحد الدوائر الحكومية العاملة في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان أو أحدى المنظمات أو المراكز أو المعاهد النشطة في مجال حقوق الإنسان، تُعنى ببناء قاعدة معلوماتية إلكترونية حول الموارد البشرية والتسهيلات الفنية والإدارية وتطوير

خامسا:- الشراكة في مجال الرقابة والتقييم من اجل حماية حقوق الإنسان:-

تمثل الرقابة والتقييم لعمل منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان عنصراً فاعلاً لبيان مدى جودة عملها في أداء المهام المناطة بها والمتمثلة بتحسين حالة حقوق الإنسان والارتقاء بها، كما أنها تسهم في تطوير الأدوات والآليات التي ترفع مستوى وعي الجمهور بالنسبة لدورها في تعزيز المساءلة والشفافية والنزاهة.

والرقابة والتقييم يشكلان عنصراً هاما في مأسسة عمل منظمات المجتمع المدني، وتعدان البعد والعمق الاستراتيجي لنشر ثقافة حقوق الإنسان، لأنهما يضمنان العمل وفق معايير عالمية ومؤشرات أداء لأعمال أدوات حماية حقوق الإنسان العالمية والمحلية، وأصبحت الرقابة والتقييم حالياً حاجة ملحة لأنهما يمثلان إحدى ركائز نجاح العمل خصوصاً إذا استخدمت نتائج الرقابة والتقييم في تطوير آليات العمل، وتطوير الإطار القانوني الذي تحكم علاقة الشراكة، وفي رفع وعي الجمهور بأهمية الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في تحقيق كرامة الإنسان.

المنطلقات:-

يستند مجال الرقابة والتقييم لدور منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان على مجموعة من الأسس والمبادئ المعنية بتحقيق النزاهة والشفافية والمساءلة لدى تقييم مدى إتقانها للأدوار التي تقوم بها في تحسين حالة حقوق الإنسان ورصد جوانب القوة وجوانب الضعف في مكوناتها، وتتمثل هذه الأسس والمبادئ في الأمور الآتية:

تحسين جودة الخدمات التي تقدمها منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان يتطلب توفير قاعدة من المعايير التي يمكن استخدامها وتوظيفها للحكم على جودة الخدمات.

لا يتوافر لدى العديد من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان مؤشرات أداء تستخدمها لمعرفة مدى التأثير الذي تحدثه في حالة حقوق الإنسان وتعزيزها.

الحاجة الماسة لتوفير قاعدة مرجعية واضحة المعالم ومتفق عليها من حيث البنية التشريعية والهيكلية التي يستند إليها في تقييم ومراقبة أداء منظمات المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان.

الحاجة إلى تطوير آليات عمل لزيادة شفافية منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان من خلال تحديد مؤشرات النزاهة الخاصة بعمل كل منها.

عدم توفر مدونة سلوك "ميثاق شرف" لعمل منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان مع بعضهما البعض بحيث تكون بنودها قابلة للرقابة من خلال الملاحظة ووسائل الاتصال المختلفة.

الأهداف:-

تسعى الرقابة والتقييم لعمل منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان إلى تعزيز الشفافية وتطوير نظام كفء للمساءلة يضمن مفاهيم النزاهة في أوساط العاملين لديها مع فئات الجمهور المستهدفة وفق معايير لتحسين حالة حقوق الإنسان.

وبالتحديد تسعى الشراكة في هذا المحور إلى تحقيق الأهداف الخاصة الآتية:

تحديد مستوى فاعلية كفاءة الشراكة بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان في تحسين حالة حقوق الإنسان من خلال الخدمات المقدمة من قبلها.

تطوير مؤشرات لمستوى المساءلة والشفافية في عمل منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان بحيث تكون هذه المؤشرات مقبولة وقابلة للقياس والتحقق.

زيادة وعي الجمهور بأهمية الشراكة في تقييم الأداء من خلال تنظيم شبكة علاقات تقدم تغذية راجعة للجوانب التطويرية في الأداء والجوانب التي تحتاج إلى تطوير.

تعريف العاملين في القطاع الحكومي والمجتمع المدني المهتم بقضايا حقوق الإنسان بنظم النزاهة والشفافية والمساءلة والتي تحقق تحسين حالة حقوق الإنسان.

تفعيل دور منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان في تحسين حالة حقوق الإنسان وتعزيز دورها الرقابي.

مجالات العمل

تعمل هذه الاستراتيجية في محورها الرقابة والتقييم في مجالات محددة لغايات الحصول على تغذية راجعة حول الأداء، لذا تعد مجالات العمل الآتية مصدراً للمعلومات حول مدى جودة أداءها وتتمثل في الآتية:

تطوير ميثاق أخلاقي وفق معايير واشتراطات لازمة للمتابعة والمراقبة لبيان درجة التزامها في قيم النزاهة والمساءلة والشفافية.

تطوير آليات رقابة داخلية وهيئات رقابة خارجية مستقلة محايدة تساهم في تعزيز قيم النزاهة والمساءلة والشفافية.

تطوير مؤشرات ومعايير للنزاهة والشفافية والمساءلة لعملها في مجال حماية حقوق الإنسان وتحسين حالة حقوق الإنسان.

توظيف الحملات الإعلامية بأشكالها المختلفة وموادها المرئية والمسموعة لبيان درجة التزامهافى حماية حقوق الإنسان.

تطوير مناخ ديمقراطي تنافسي محفز ومعزز يشجع دور منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان في الانفتاح على بعضها وعلى القطاع الحكومي وفق قواعد سلوك تراعي حقوق الإنسان.

توصيف مهام العاملين في منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان ووضع أنظمة خاصة بذلك تتشارك فيها المنظمات والقطاع الحكومي وإيجاد آليات لإكسابها الصفة التشريعية الملزمة.

مراجعة القوانين والأنظمة الخاصة برقابة القطاع الحكومي على منظمات المجتمع المدني وتطويرها وفق اشتراطات الأداء والشفافية والنزاهة في تحسين حالة حقوق الإنسان.

التنفيذ:

تشكيل وحدة مشتركة للرقابة والتقييم تعني بمأسسة تطوير أداء منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي ذي العلاقة من خلال:

توثيق ومتابعة القضايا ذات الاهتمام بالتجاوزات الإدارية والمالية بما يخص أداء كل من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي ذي العلاقة تجاه تحسين حالة حقوق الإنسان.

وضع قواعد للسلوك الناظم للعاملين في المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والعاملين في القطاع الحكومي ذي العلاقة بحيث تشير هذه القواعد إلى المهنية في التعامل واحترام الآخر وتعزيز وجهات النظر والأدوار المناطة بكل منها.

تطوير ثقافة عامة عند الجمهور حول الممارسات السلمية في أداء منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والقطاع الحكومي ذي العلاقة وعند تعاملهما مع بعضهما ومع الأطراف الدولية.

تطوير لوائح تنظيمية تحكم عمل منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان مالياً وإدارياً. واتخاذ الإجراءات اللازمة لإقرارها والعمل بها، ونشر هذه اللوائح عبر قنوات إيصال معنية بنشر ثقافة حقوق الإنسان

سادسا:-أشكال حماية منظمات المجتمع المدني لحقوق الإنسان:

للمنظمات غير الحكومية دورا مهما في حماية حقوق الإنسان انطلاقا من اعتبار هذه الحماية جزءاً من مهمة أساسية تقوم بها منظمات حقوق الإنسان والتي ترمي إلى حماية حقوق الإنسان من الخرق أو المصادرة، من خلال أعمال المراقبة، والملاحظة، والرصد، وأعمال التقصي والتحقيقات، وإعداد التقارير، ورعاية ضحايا الانتهاكات وغيرها من النشاطات التي تسعى الى حشد التأييد والعمل على تعديل القوانين والسياسات وفقا للشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

وتهدف عملية حماية حقوق الإنسان إلى دعم الضحايا ومؤازرتهم، وإخبار الرأي العام وحشد دعمه، والتأثير على صناع القرار، ومراقبة مدى إعمال القانون، وتوسيع قاعدة المؤيدين لنشر ثقافة حقوق الإنسان وحمايتها واحترامها.

أشكال الحماية لحقوق الإنسان:

تشكيل بعثات تقصي الحقائق.

القيام بملاحظة جلسات المحاكمات.

إعداد التقارير بكل أنواعها.

وتهدف هذه التدخلات الحمائية إلى:

طمأنة ضحايا الانتهاكات والمساهمة في خلق مناخات نفسية ومعنوية.

الوقوف على الانتهاكات والخروقات من مرتكزات الحقوق دونما اعتبار للمواقف السياسية.

التعرف على الحقيقة من كافة المصادر ومن ضمنها أطراف النزاع.

صياغة الملاحظات والتوصيات.

أما في مجال ملاحظات المحاكمات لا بد من أن يزاول المراقب عقب أحداث نتجت عنها انتهاكات جسيمة، على أن لا يستهدف التأثير على سير عمل العدالة، على ان لا تصدر التقارير إلا بعد صدور الأحكام.

في مجال إعداد التقارير:-

فيمكن لها أن تكون تقارير سنوية، على أن تقدم تقييما لمدى التقدم المحرز وما هي حجم الانتهاكات.

وهناك التقارير المضادة أو الموازية للتقارير الحكومية التي تقدم الى مختلف لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.

على أن تكون هذه التقارير موضوعية

ويمكن أن تنصب بعض التقارير على حق معين أو على فئة خاصة.

ومن فوائد التقارير الصادرة عن المنظمات غير الحكومية:

تقييم مستويات إعمال اتفاقيات القانون الدولي لحقوق الإنسان المصدق عليها من طرف الدولة.

رصد المعيقات المؤسساتية والقانونية.

رصد مستويات الخروقات والانتهاكات.

قياس البرامج الحكومية في مجال حماية حقوق الإنسان.

بلورة المقترحات والبدائل الكفيلة بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

تقييم مستويات الأداء: المهني والتحليلي والوظيفة الاقتراحية لمنظمات حقوق الإنسان.

فى مجال التوثيق:

تستفيد هذه الفرق بالإضافة إلى خبرتها الخاصة من:

أعمال التوثيق على صعيد المنظمة.

تقارير فرق وبعثات التقصي.

آلية استقبال الشكاوى اليومية.

بلاغات وبيانات المنظمة.

أعمال وبحوث ودراسات اللجان العلمية المتخصصة.

الأخذ بالمعايير الدولية:-

الإعلانات العالمية والإقليمية، والاتفاقيات الدولية العامة والخاصة، ومقررات والتوصيات الصادرة عن اللجان وفرق العمل الدولية، والقرارات القضائية للمحاكم الدولية و الإقليمية، إضافة إلى تقارير وأبحاث المنظمات غير الحكومية الدولية.

على المستوى الوطني: الدستور، والاتفاقيات المصدق عليها ، والقوانين الوطنية العامة والخاصة،والاجتهادات القضائية.

في مجال النهوض بحقوق الإنسان:

القيام بنشر بثقافة حقوق الإنسان ومبادئها.

ملائمة القوانين الوطنية مع الدولية.

إدماج قيم حقوق الإنسان وثقافتها في الأنظمة التربوية.

عملية التشبيك أو التنسيق في العمل الحقوقي، المدني المشترك.

سابعا:- النتائج والتوصيات:-
في الختام لابد من الاشاره إلى ما أوردناه في البداية من أن منظمات المجتمع المدني أصبحت تلعب دورا لا يستهان به من اجل حماية واحترام حقوق الإنسان وكفالتها وتوفير الضمانات الحقيقية له، وهذا ما أكده المجتمع الدولي من خلال التطرق لذلك في العديد من المواثيق والإعلانات الدولية والإقليمية المتمثلة بما يلي:

إعلان وبرنامج عمل فيينا الصادرين عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان لعام 1992

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 48134(إعلان باريس)

مؤتمر منظومة حقوق الإنسان بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الذي عقد في إطار اقليمى بتنظيم من البرنامج العربي لحقوق الإنسان القاهرة 2005

مدوالات التحالف الدولي لمنظمات المجتمع المدني

مع التنويه بان هذا الدور لابد من تعزيزه على نحو أفضل لنخلص بهذا الصدد إلى مجموعة من النتائج والتوصيات يمكن من خلالها تلخيص دور منظمات المجتمع المدني من اجل حماية حقوق الإنسان بمايلى:

نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان

مراقبة حالة حقوق الإنسان

رصد انتهاك حقوق الإنسان

توثيق انتهاكات حقوق

Share/Save/Bookmark